للامانة الموضوع منقول من صفحة الناقد غاني بومعزة ////facebook
تدورأحداث رواية الكاتب الجزائري "واسيني الأعرج" عن "الأمير عبد القادر بن محيى الدين" الجزائري في منتصف القرن التاسع عشر، وهي مع ذلك تتناول الوضع العربي الإسلا مي
والعالمي الراهن بوضوح.
صدرت الطبعة العربية الأولى من رواية "كتاب الأمير.. مسالك أبواب الحديد" عن دار الآداب للنشر والتوزيع ببيروت سنة 2005، وهى مكونة من 600 صفحة من القطع المتوسط، وكانت هذه الرواية قد اختيرت لتنشر ضمن مشروع " كتاب في جريدة" الذي رعته منظمة اليونسكو في آذار عام 2005 في مليوني نسخة، وقد حصلت الرواية على جائزة الشيخ زايد لهذا العام 2007م.
يحرص "واسيني الأعرج" على وصف العالم الذي تدور فيه أحداث روايته بين الجزائر وفرنسا بدقة تجعل القارئ واحدا من شخوص الرواية، فهو يصف المكان، والأشخاص، والمباني، والأزياء، وأسلوب الكلام، والأطعمة، والشاي بالنعناع الذي كانت أم الأمير "لالة الزهراء" تجيد صنعه وتعلمه لأصدقاء ابنها من جزائريين وفرنسيين.
كما أن الكاتب يدقق كثيرا في الأحداث التاريخية حرصا على الحقيقة التاريخية دون زيف أو مجاملة، ومع ذلك فليس التاريخ أو إعادة بناء فترة تاريخية معينة هي الهم الأول للمؤلف، إنه حاضرنا الآن الذي دفعه لاختيار هذه الفترة بالذات من تاريخ الجزائر للكتابة عنها، إنها الفترة التي كان يولد فيها نظام عالمي جديد، قطباه إنجلترا وفرنسا، الفترة التي بدأت تظهر فيها بوضوح ثمار الثورة الصناعية في الحرب والسفر والصناعة والتجارة والفكر والطباعة... إلخ، فترة تشبه حاضرنا الذي بدأ يجني ثمار الثورة التكنولوجية، ويعيش تحت ظلال نظام عالمي جديد تحاول فيه الولايات المتحدة الأمريكية الانفراد بالسلطة، والفترة التي تتحدث عنها الرواية واصفة الوضع في الجزائر لا تحتاج إلى مجهود كبير لإسقاطها على عالمنا العربي والإسلامي الراهن أيضا.
بل إن اهتمام الكاتب بحاضرنا المعاصر هو ما جعله يختار عنوان الرواية "مسالك أبواب الحديد" أي السبل للخروج من السجن، وهو العنوان الذي كان له أثره المباشر في تركيب العمل الروائي، ليؤدي كل ذلك إلى إلقاء أضواء كاشفة على فترة كانت انتقالا عالميا بين عصرين، تشبه تماما واقعنا الآن، وعلى من يريد أن يتقدم أو حتى يحافظ على وجوده في مثل هذه الفترات عليه أن يكون على وعي تام بالعصرين معا.
ثلاثة رواة
في الرواية ثلاثة رواة، وثلاثة روايات متداخلة.
الراوي الأول هو الكاتب /الراوي العليم الذي يروي قصة "جون موبي" الفرنسي خادم "القس مونسينيور أنطوان ديبوش" أول قس للجزائر، حيث أوصى القس الذي عشق الجزائر خادمه قائلا: "كم أحلم عندما أموت أن تخرج يا حبيبي جون وأن تزرع تربتي في البحر فجرا، فقد غادرت تلك البلاد في حالة جوع منها، وأنت تعرف جوع المحب لا يشفيه إلا الموت أو اللقاء المستحيل" ص616.
يفتتح الكاتب روايته بـ"جون" وقت الفجر في مركب يملكه بحار مالطي ومعه تربة قبر "ديبوش" ينثره في بحر الجزائر، وينتظر وصول رفات "ديبوش" لدفنها في الأرض التي أحبها، وفي أثناء ذلك يحكي جون للبحار المالطي حكاية "ديبوش" والأمير.
الروائي واسيني الأعرج
فالراوي الثاني هو "جون موبي"، وروايته عن سيده الذي ارتبط بعلاقة صداقة وأخوة عميقة مع الأمير عبد القادر الجزائري منذ أن أتته امرأة عارية الصدر تستنجد به لينقذ زوجها الضابط الفرنسي من سجن الأمير، فيرسل ديبوش إلى الأمير رسالة يطلب فيها تحقيق رجاء هذه الزوجة باسم الإنسانية، فيستجيب إليه الأمير بأريحية لم يكن القس يتوقعها، بل ويعطي القس درسا حقيقيا في الإنسانية عندما يذكره أن الفضائل لا تتجزأ، وعلى من يسعى لتحرير السجناء الفرنسيين والتخفيف عنهم أن يفعل الشيء نفسه مع السجناء الجزائريين في السجون الفرنسية.
يحكي جون كيف أن هناك تشابها كبيرا بين الرجلين الأمير والقس، في نبلهما، وإخلاصهما للمبادئ العليا، وإيمانهما بالله ذلك الإيمان العميق الذي يجعل المؤمن يعطي من نفسه وماله لأخيه في الإنسانية بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، وكذلك تشابههما في أنهما جاءا في الزمن الخطأ، زمن الجشع والخيانات، فكما أن القس كان يصرف كثيرا على الأعمال الخيرية حتى أصبح مدينا مهددا بالسجن وهرب من الجزائر حتى وجد من يسدد عنه ديونه، فإن عبد القادر كان يصرف سنوات عمره في حلم الوحدة والتحرر وبناء دولة حديثة، وكما لم يجد القس سوى الجشع والطمع، لم يجد الأمير سوى الخيانة من الأقربين.
يحكي "جون" كيف أن القس نذر خمس سنوات من عمره هي الفترة التي أمضاها الأمير منفيا سجينا في فرنسا ليكتب رسالة (كتابا) مرافعة للأمير الرئيس لويس نابليون بونابرت يوضح فيها مدى نبل وشجاعة وكرم الأمير الذي تحلى بأخلاق الفرسان في جهاده للاحتلال الفرنسي، والذي سلم نفسه مقابل تعهد من فرنسا بإرساله إلى بلد إسلامي، وأن فرنسا تخون شرفها كدولة عظمى بإبقائها على الأمير مسجونا لديها دون أن تفي بتعهداتها، وهى الرسالة التي تؤتي ثمارها بعد أن يحل لويس نابليون الغرفة النيابية التي كانت تعارض الإفراج عن الأمير، بل ويذهب إلى الأمير بنفسه ليخبره بحصوله على حريته، ويسلمه صك الحرية بنفسه، ويدعوه لزيارته في القصر الجمهوري، ويهديه حصانا وسيفا.
الراوي الثالث إذن هو القس ديبوش، وروايته هي قصة حياة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الجزائري الذي اختاره أهله أميرا للمؤمنين وقائدا عليه أن يجمع كلمة القبائل المشتتة، ويوحد بين قلوبها، ويقودها في حركة جهاد مقدسة لتحرير أرض الجزائر من الفرنسيين.
ذلك الرجل النبيل الذي حاول أن يرفض تلك الإمارة ففرضت عليه، والذي حاول أن يجمع قومه على قلب رجل واحد فاحتاج إلى أن يحارب الكثير من القبائل، كان بعضها يدين له بالولاء اليوم، ويعلن العصيان غدا، يعتبرونه أميرهم وهو منتصر قوي، ويخرجون عليه عندما تصيبه هزيمة، ذلك القائد الذي كان يرى تباشير عصر جديد لا تصلح فيه الخطابة والسيف للتحرر، وقادته مازالوا يظنون أن النصر يأتي بقصيدة وقلب رجل شجاع، ثم يخونه الكثير من هؤلاء القادة، بل ويغدر به ملك المغرب ويحاربه بدلا من الوقوف معه ضد العدو الخارجي المشترك، ويتخلى عنه السلطان العثماني، حتى يضطر بعد جهاد دام لأكثر من خمسة عشر عاما إلى تسليم نفسه للفرنسيين حتى يحافظ على أرواح قومه لأن المواصلة في ظل هذه الظروف ليست إلا انتحارا، ولكن الفرنسيين لا يوفون بعهدهم معه إلا بعد خمس سنوات قضاها في المنفى والحزن، وفي مناقشات كثيرة حول الدين والإنسانية والخيل والمرأة في الإسلام؛ مع ديبوش وغيره من الفرنسيين.
هذا التثليث الروائي أعطى الكاتب حرية في الحركة خلال الزمن تقدما وتراجعا، وأعطى الرواية قدرا كبيرا من الحيوية والإثارة، كما أنه أتاح تقديم عدة وجهات نظر في الأمور.
فهناك عين الراوي الأول المحايد أو الذي يحاول الإيحاء بأنه كذلك، والراوي الثاني الذي لا يهمه في الحياة إلا سيده القس وتنفيذ وصيته، والراوي الثالث الذي يقص التاريخ بروح من يمسك بآخر أهداب مبادئ النبل والشرف الإنساني قبل أن تضيع.
ثلاثة مستويات لغوية
إن بناء الرواية على أساس تداخل ثلاث حلقات روائية فيها، بحيث يبدأها وينهيها بحكاية جون موبي، منح القارئ القدرة على تفسير الرواية باستخدام فكرة دائرية الزمن، أو أن الزمن يعيد نفسه، وهو ما يؤصل للمنطلق الأساسي للرواية باعتبارها تناصا زمنيا بين الفترة المروي عنها وعصرنا الحاضر.
كان المؤلف على وعي تام باللغة التي يكتب بها روايته، فلأنه يعتمد على ثلاثة رواة استخدم ثلاثية لغوية، فاللغة تجنح إلى الوصفية الشعرية عندما يتحدث جون عن سيده، أو عندما يتم وصف معاناة الأمير أو القس النفسية، واللغة يتم تطعيمها بقليل من اللهجة العامية الجزائرية في بعض أجزاء الحوار مما يعطى إحساسا بالواقعية، واللغة تجنح إلى الوثائقية عندما يكتب القس عن معارك الأمير والوثائق المتبادلة بينه وبين الفرنسيين، وهذا التعدد في المستوى اللغوي للرواية منحها أفقا رحبا في التعامل مع ما هو تاريخي، وما هو خارجي يحتاج إلى عين كاميرا عند الوصف، وما هو شعوري ونفسي يحتاج إلى لغة أقرب إلى لغة الشعراء بل والمتصوفة أحيانا.
زمن يتغير
أكاد أزعم أن فكرة تغير الزمن، وتبدل العصر، وضرورة فهمه واللحاق بركبه قبل أن يسبقنا وينتهي أمرنا إلى التلاشي؛ هي الفكرة الأساسية التي من أجلها كتبت الرواية، فالأمير الحائر يحاول رفض الإمارة قائلا لأبيه: "الزمن تبدل ومعه تبدلت السبل والوسائل، نحن على حواف قرن صعب. إنهم يصنعون المدافع والبنادق والسيوف الحادة ونحن مازلنا نراوح في أمكنتنا، ونزهو كلما أقمنا مقاما جديدا في سهل أغريس" ص 95.
وفي المنفى يقول لصهره وصديقه مصطفى بن التهامي: "كنا نظن أنفسنا أننا الوحيدون الذين ينظر الله إلى وجوههم يوم القيامة وأن الجنة حكر لنا وأن الله ملك للمسلم، وكلما تعلق الأمر بالآخرين أنزلنا عليهم السخط والمظالم، العالم يا سي مصطفى تغير، وتغير كثيرا ونحن على حافة عصر كل شيء فيه تبدى لنا على حقيقته، عندما كان الناس يحفرون الأرض ويستخرجون التربة ويحولونها إلى قطارات بخارية وسفن حربية وسيارات وقوانين لتسيير البلاد كنا نحن غارقين في اليقينيات التي ظهر لنا فيما بعد ضعفها وأننا كنا نعيش عصرا انسحب وانتهى" ص 591.
وهو لا يقصد باليقينيات هنا الدين، فهو رجل كان يقيس كل تحركاته وأقواله وأفعاله بميزان التقوى والإيمان والعلاقة مع الله، ولكنه يشير إلى اليقين الزائف بأننا أقوياء، وأننا أحباب الله، في حين أننا كسالى جهلة متفرقون متناحرون، كان الأمير يعرف أعداءه، الجهل، القبيلة، الخرافة: "كلما سمعت أن مجنونا احتل عقليات الناس، أشعر بهول المسافة التي مازالت تفصلنا عن أعدائنا الذين تسيرهم المصلحة والعقل" ص137، كان هذا تعليقه على إيمان الناس بموسى الدرقاوي الذي أقنعهم بأنه مولى العصر والمهدي المنتظر، وعندما يضيق صدر الأمير بالخيانات والقبلية والاتهامات الجاهزة يصرخ بألم حارق: "أنا كذلك يا مونسينيور لم أنج من ظلم الأقارب الذين وضعوني على رأسهم؛ تنكروا لي والذين وضعتهم باعوني، الأكثر من ذلك هم يكفرونني، التكفير في غاية الصعوبة والأهمية، يتهمونني بالتقاعس عن الجهاد، وهل يعرفون ما معنى أن نجاهد ونحن نواجه السيارة والآلة الحربية، الله أعطانا عقلا للحفاظ على أنفسنا وعلى أرواح الآخرين، الجهاد لا أن تحمل سيفا وتشهره في وجه أول من تصادفه، الجهاد أن ترفع سيفا عندما تنغلق في وجهك سبل السلم" ص 243، 244.
الزمالة.. دولة على ظهور الجمال
كان فهم الأمير عبد القادر لمتغيرات العصر يؤكد له ضرورة بناء دولة نظامية، تقوم على النظم الحديثة في الإدارة، يكون لها مصانعها، ومكتبتها، وجيشها النظامي.. إلخ. وهذا ما حاوله في أكثر من مدينة مستعينا بخبرات أوروبية، لكن الفرنسيين كانوا يحطمون مشروعاته وهى في بدايتها دائما، لكن ذلك لم يفت في عضده، ولم يجعله يتخلى عن فكرته.
حتى في الفترة الأخيرة من جهاده حيث كان من المستحيل أن يبني دولة في مكان محدد مستقر؛ لأن الجميع أصبحوا يحاربونه، الفرنسيون والقبائل العاصية وسلطان المغرب، حتى في هذه الظروف الحالكة لم يتخلَّ عن حلم الدولة النظامية، وإن كان قد طور الحلم وحوره ليكون مناسبا للظرف الصعب، ومن هنا جاءت فكرة الزمالة عاصمته المتنقلة، والتي كانت آخر ما دافع عنه، وكان الحفاظ على أرواح من فيها أهم دوافعه لتسليم نفسه للفرنسيين.
يصف الأمير الزمالة: "مع تباشير 1843 كانت تحتوي على ثلاثمائة وتسع وثلاثين من (الدواوير) وسبعين ألف نسمة، وأربعمائة حارس نظامي.. منقولة من حيث النظام عن معسكري المكون من أربع دوائر متساوية المسافات الفاصلة، المركز تحتله إدارتي وعائلتي ثم الدائرة الأولى مكونة من معاوني المباشرين.. الدائرة الثانية مكونة من دوائر سيدي مبارك ومسئول الخيالة وقنصلي في وهران.. الدائرة الثالثة مكونة في معظمها من قبيلة هاشم، أما الدائرة الأخيرة فمكونة من مختلف القبائل المتضررة وقبائل الجنوب المتنقلة.. لقد توصلنا إلى طريقة تسمح لنا بسرعة المناورة، ضرب الخيام ونقلها كلما كان الخطر قريبا، كل الأرشيف معي، مصانع الحرب، الأسواق التي تعقد مرة في الأسبوع، صناعة الذهب التي يتقنها اليهود الذين يتنقلون معنا، المؤن الحربية، وحتى القضاة، لكن أهم شيء هو المكتبة التي شكلتها بواسطة عملي وكانت هي نواة مكتبة تكدامت" ص 331 و 332.
شخصية كاريزمية.. ومعادن الرجال
كما واجه الأمير خيانات الأقربين، نعم بصحبة المخلصين الأوفياء، الذين آمنوا بقضيته وجهاده، وجعلوه رمزا لهم، فعندما طلبت عائلة ابن علال؛ أحد أقرب القادة إلى الأمير، منه أن يتخلى عن الأمير رفض، وقال لهم: "تحملوا صروف المحنة والدهر وأقدار الله بالصبر وقراءة القرآن واسمعوا نصائحي، يحتمل أن لا أتلقى رسائلكم بدءًا من اللحظة. لقد صليت على أرواحكم الطيبة صلاة الغائب، فافعلوا الشيء نفسه" ص 349.
كان الأمير يتمتع بشخصية كاريزمية تجعل من يعرفونه عن قرب لا يتأخرون في التضحية بالنفس والأهل من أجله، بل إن الرجل الذي أرسله ابن سلطان المغرب لاغتياله تلتقي عيناه بعين الأمير مصادفة عندما يرفع الأمير رأسه بعد الانتهاء من قراءة القرآن، فيلقي الرجل بالسيف، ويبكي، ويشرح للأمير المؤامرة التي حيكت ضده، والكابتن "بواسوني" الضابط الفرنسي الذي رافق الأمير في منفاه بفرنسا مترجما وصديقا، وكانت زوجته صديقة لأم الأمير وزوجاته، يطلب تسريحه من الخدمة ليرافق الأمير عند مغادرته فرنسا.
درس في حوار الأديان
في بداية العلاقة بين ديبوش والأمير كان الأول مبهورا بشخصية الأمير لدرجة أنه جعل هدفه أن يقنع الأمير بالإيمان بالمسيحية، ليقدم لدينه كسبا كبيرا بهذا الشخص، لكن حواراته المتعددة مع الأمير، واقترابه الكبير منه علمه أشياء كثيرة، فهذا الرجل الذي لم يضع سلاحه لأكثر من خمسة عشر عاما، لم تفارق الكتب يديه وعينيه في أحلك الظروف، كان دائم القراءة والتفكر، وكان من أصدقائه المقربين ابن خلدون بمقدمته، والتوحيدي بالإشارات الإلهية، وابن عربي بالفتوحات المكية، هذا الرجل الذي كان شديد التدين، عالما بدينه، كان يرى أن الدين انفتاح على الآخر وليس انغلاقا على الذات، كان يرى أن الإيمان في حد ذاته كسب للإنسانية في مجموعها، وهذا الدرس تعلمه ديبوش جيدا فجعله يفتح أفق تفكيره إلى مداه، وجعل الحوار بينهما لا يهدف لكسب أحدهما إلى دين الآخر، بقدر ما هو تعميق لفكرة الإيمان والتقارب بين المؤمنين بغض النظر عن التفاصيل التي تخص كل منهما ودينه.
حيث يقول ديبوش لخادمه جون: "كنت أريده مسيحيا يخدم رسالة المسيح العالية، وكنت مستعدا أن أرحل بصحبته إلى البابا لتعميده ليصير واحدا منا.. ولكنه كان أقوى من أن يكون رجل دين واحد، فقد كان مسلما في قلب كل المعارك الكبرى لمصلحة الإنسان" ص 615.
بقي أن نقول إنه وردت بالرواية بعض المقاطع باللغة الفرنسية دون أن يترجمها الكاتب سواء في متن النص أو هامشه، وهذا يعوق تواصل القارئ غير الملم بالفرنسية مع النص بعض الشيء، وإن كان لا يقلل من استمتاعه بالرواية وإفادته منها معا؛ تاريخا وفكرا وفنا جميلا.